الأربعاء، 13 أغسطس 2014

العنف لا يولد الا العنف


كنت من معارضى نظام مرسى .. ايقظنى زوجى يوم ١٤ اغسطس ليخبرنى فى كلمات مقتضبة "فضوا رابعة بالقوة" .. وشعرت كأن جبلا سقط على رأسى فجأة .. وظللت اردد عبارة واحدة لم استطع ان انطق بغيرها "يا نهار اسود .. يا نهار اسود .. يا نهار اسود ..." 
نعم لقد كان يوم فض رابعة هو اكثر الايام قتامة وسوادا منذ بدء ثورتنا فى يناير ٢٥ .. حيث قامت الثورة من اجل حرية الرأى ومن اجل كرامة المواطن .. وكانت مصادماتنا مع الشرطة يوم ٢٨ يناير بالطريقة التى تعودوا مواجهة المظاهرات بها .. انما فض رابعة !!! ان تنتهك حياة المصريين لاختلافهم فى الرأى بهذه الطريقة البشعة !!! .. ان يبارك الاعلاميين وجموع الشعب هذا العمل الاجرامى !!! .. ان يتغنى المجرمون بالمجزرة "تسلم الأيادى " .. 
صحفية سابقة واعلم ما يدور فى المطبخ الاعلامى .. هذا شعب قد غسلت ادمغته .. هذا الشعب يفضل ان يهلل للفائز على ان يقف على كلمة الحق .. هذا الشعب قد فقد انسانيته منذ عهود .. 
بعد ان استوعبت الصدمة .. بدأت اتصل بأصدقائى واقاربى ممن اعتادوا الذهاب الى اعتصام رابعة .. وفجعت فى مقتل الصديق المهندس رجل الاعمال المسالم صاحب الضحكة والمرح "أيمن زكى" وغيره كثيرون لم يستحقوا القتل .. 
بينما يهلل كثير ممن حولى ويبارك المذبحة .. كان هناك بصيصا واحدا من الضوء .. اتفقت او اختلفت معه .. لا يمكن ان تنسى مواقفه الانسانية .. وحرصه على قول الحق .. فالبرادعى الوحيد الذى اعترض على الفض بالقوة .. بل استقال ورحل اعتراضا .. وحظى بهجمة اعلامية لا تقل شراسة عن الهجمة على الاخوان .. واى مؤيد لهم .. واى كائن كان يعترض على المذبحة حتى لو كان معارض لنظام مرسى !!! .. سواء داخل مصر او خارجها .. فرد كان او مؤسسة او دولة !!
وبدأ الاعلام فى تهويل المواجهة بين المعتصمين فى رابعة والمكلفين من السيسى شخصيا بفض رابعة مهما كان الثمن .. وصور للناس اكاذيبا لا يصدقها الا المغيبون .. بداية من تشويه المعتصمين .. وحتى تأليف قصصا عن التعذيب داخل رابعة والجثث تحت المنصة .. لا ولن يصدقها اى شخص حضر اعتصاما يوما ما .. بل يصدقونها جموع حزب الكنبة والفلول ومؤيدى النظام السابق ..والا اى احمق هذا من يصدق ؟؟؟
حذرت كل من حولى من المؤيدين والمصدقين للاعلام المصرى الفاسد .. من ان رابعة مجزرة وان اسلوب الاطاحة بمرسى بداية لم يكن حكيما .. وان مصر سوف تتعرض لعقوبات اقتصادية بسبب تدخل العسكريين فى الحكم ..  واننا هنشوف ايام سودا .. لان اغلب الناس نزلت فى يونيو تطالب مرسى نفسه بانتخابات رئاسية مبكرة وليس تدخلأ عسكريا !!
لعب الاعلام دورا محوريا فى تجريم وتخوين كل معارض للسيسى .. بدأت حملة القبض على كل اخوانى .. وكل مؤيد لمرسى .. وكل ناشط سياسى ليبرالى او اشتراكى اعترض على المذبحة .. وصدر قانون يجرم التظاهر .. وألقى بالجميع فى غياهب السجون .. ١٤٠ ألف ناشط .. شباب وفتيات فى عمر الزهور .. اودعوا السجون .. وصدرت احكام جماعية بالاعدام لم يشهدها التاريخ من قبل .. وعاد الامن يعيث الفساد فى الجامعات .. وتم الغاء انتخابات الجامعات .. بل ان كليات بالازهر ودار علوم تم فصل بعض طلابها من التعليم الجامعى بأكمله وليس من كلياتهم فقط .. فلا تستغربوا جيلا كاملا من العنف .. فلا يولد العنف الا العنف!!
فإن كنت مقتنعا ان نظام مرسى كان نظاما غبيا .. احذر فأنت حاليا تؤيد نظاما مجرما ..
وبعد عام من المجزرة .. اصدرت الهيومان رايتس وواتش تقريرها .. اذا اردت ان تصبغ يدك بلون الدم ..  فأيد فض رابعة !!